بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
النبوة:وتؤمن الشیعة بأن النبوة لطف من الله بعباده تزكیهم، وتضع لهم المخططات السلیمة الهادفة إلى تهذیبهم، وغرس النزعات الكریمة فی أعماق نفوسهم، وتحذوهم من الرذائل، وتحررهم من مساوئ الأخلاق.
والله تعالى هو الذی یختار من عباده لهذا المنصب الرفیع ممن تتوفر فیهم التقوى والإیمان وسلامة الذات وطهارة النفس، والعصمة من الزیغ.... وأنه تعالى یؤیدهم بمعجزاته لیقیم بهم الحجة، أما معجزاتهم فإنها تتناسب مع ما اشتهر فی عصورهم من الفنون والعلوم، فقد أید الله تعالى نبیه موسى بالعصا التی تلقف السحر الذی كان شائعا فی ذلك العصر، فلما ألقاها ظهرت كأعظم أفعى فوجلت منها قلوب السحرة والفراعنة، وجعلت تلقف عصیهم وحبالهم، فأیقن السحرة بالمعجزة لأنها فوق ما یملكون من وسائل السحر كما أید الله تعالى نبیه عیسى بمعجزة عجزت عن مجاراتها وسائل الطب الذی كان شائعا فی ذلك العصر، فكانت معجزته إبراء الأكمه والأبرص وإحیاء الموتى، فأیقن المجتمع بنبوته وآمنوا برسالته.
وأید الله تعالى رسوله العظیم خاتم الأنبیاء بالقرآن الكریم المعجزة الخالدة على امتداد التأریخ فقد فاق بروعة أسلوبه جمیع فنون البلاغة وضروب الفصاحة السائدتین فی ذلك العصر، وتحدى بلغاء عصره بإتیان سورة من مثله فنكصوا واعترفوا بالعجز عن مجاراته، ویضاف إلى بلاغته أنه منهج كامل وشامل لجمیع جوانب الحیاة.
النبی محمد (صلى الله علیه وآله):وتؤمن الشیعة كبقیة المسلمین بأن الرسول الأعظم محمد (صلى الله علیه وآله) خاتم النبیین أرسله تعالى بالهدى ودین الحق لیظهره على الدین كله ولو كره المشركون، فرفع صلوات الله علیه كلمة التوحید، وأنار الدنیا بعلومه وحكمه، وأخرج العباد عن طاعة الشیطان إلى طاعة الرحمن، یقول رائد العدل فی الإسلام الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) (فبعث محمد (صلى الله علیه وآله) بالحق لیخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشیطان إلى طاعته بقرآن قد بینه وأحكمه، لیعلم العباد ربهم إذ جهلوه، ولیقروا به إذ جحدوه ولیثبتوه بعد إذ أنكروه...)(5) ویقول سید المتقین والعابدین الإمام علی بن الحسین (علیه السلام): (اللهم فصل على محمد أمینك على وحیك، ونجیبك من خلقك، وصفیك من عبادك، إمام الرحمة، وقائد الخیر، ومفتاح البركة ما نصب لأمرك نفسه، وعرض فیك للمكروه بدنه، وكاشف فی الدعاء إلیك حامته(6) وحارب فی رضاك أسرته، وقطع فی إحیاء دینك رحمه، وأقصى الأدنین على جحودهم، وقرب الأقصین على استجابتهم لك، ووالى فیك الأبعدین وعادى فیك الأقربین، وأدب نفسه(7) فی تبلیغ رسالتك، وأتعبها بالدعاء إلى ملتك، وشغلها بالنصح لأهل دعوتك، وهاجر إلى بلاد الغربة، ومحل النأی عن موطن رحله، وموضع رجله، ومسقط رأسه، ومأنس نفسه، إرادة منه لإعزاز دینك، واستنصارا على أهل الكفر حتى استتب له ما حاول فی أعدائك(
).
إن إیمان الشیعة بالرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) كإیمان بقیة المسلمین بأنه رسول الله اصطفاه لدینه، واختصه لوحیه وانتخبه لهدایة عباده، وقد لقی (صلى الله علیه وآله) أقسى المحن، وأشق أهوال الخطوب من القبائل القرشیة التی كفرت بالله وعبدت الأوثان وظلت عاكفة علیها، وبعد أن عز الله دینه ونصر رسوله دخلت فی الإسلام كرها، وأضمرت فی نفوسها الكفر بالله والجحود لرسالة نبیه.
الإمامة:وهی عند الشیعة أصل من أصول الإسلام كالنبوة، بل هی امتداد لعطائها، واستمرار لمناهجها، وهی من ضروریات الدین لما فیها من المنافع التی لا غنى عنها كهدایة الناس وتهذیب سلوكهم، وإقامة ما أعوج من نظام الدین والدنیا، ونتحدث ـ بإیجاز عن بعض شؤونها حسب ما تؤمن به الشیعة.
الإمامة بالنص:وتعتقد الشیعة أن الإمام لا یكون إلا بالنص من الله تعالى فهو الذی یختار لمنصب الإمامة من یشاء من عباده الصالحین ولیست خاضعة لاختیار الناس وانتخابهم الذی لم یكن فی كثیر من الأحوال متفقا مع الصالح العام، وإنما كان ناشئا من الرغبات والمیول الخاصة التی لا تنشد صالح الأمة، وما الأزمات الحادة، والكوارث المفجعة التی دهمت العالم الإسلامی إلا من النتائج المباشرة لفصل الخلافة عن النص.
عصمة الأئمة:ونعت بعض الفرق الإسلامیة على الشیعة التزامها بعصمة أئمتهم ، وقاسوا الأئمة الطاهرین الذین أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا بغیرهم من أبناء الإنسان الذین یخضعون لشهواتهم ورغباتهم ویقترفون الذنوب عن عمد وخطأ وهذا القیاس لا نصیب له من الصحة، وبعید عن الواقع كل البعد فإن من یتصفح سیرة الأئمة الطاهرین یجدها مشرقة كالشمس، لم تلوث بأی مأثم من مآثم هذه الحیاة، وقد وفقنی الله ـ وله الحمد ـ على التألیف والبحث عن مسیرة حیاتهم، فما وجدت فی أثناء تألیفی التی استغرقت زهاء أربعین عاما إلا هالة من النور والسمو والكرامة سیرة كل واحد منهم ن الطابع العام فی حیاتهم تقوى الله تعالى وطاعته والتحرج فی الدین، ولم یسجل التأریخ فی سیرة واحد منهم انحرافا أو ذنبا اقترفوه، وإنما سجل المؤرخون صفحات من الانقطاع إلى الله والتبتل إلیه، والإغراق فی طاعته، والصبر على ما أصابهم من الكوارث التی صبها علیهم الطغاة من حكام عصورهم، ومن الطبیعی أن هذه هی العصمة.
علم الأئمة:وتؤمن الشیعة بأن أئمة الهدى (علیهم السلام) قد منحهم الله العلم والحكمة وفصل الخطاب، میزهم على بقیة خلقه بهذه الظاهرة. فسید الأئمة الإمام أمیر المؤمنین باب مدینة علم الرسول (صلى الله علیه وآله) الذی أضاء سماء الدنیا بعلومه وعبقریاته وهو القائل (سلونی قبل أن تفقدونی) وقد فتح أبواب ما یزید على ثلاثین علما ـ كما یقول العقاد ـ وقد قال: لو ثنیت لی الوسادة لأفتیت أهل التوارة بتوراتهم وأهل الإنجیل بإنجیلهم وأهل القرآن بقرآنهم.... وهو بإجماع المسلمین أعلم أمة محمد (صلى الله علیه وآله) وأبصرهم بشؤون الدین، وأحكام الإسلام.
وإذا استعرضنا بقیة الأئمة (علیهم السلام) فإنا نرى أعلم من كان فی عصرهم من العلماء والمتمرسین فی جمیع أنحاء العلوم. فالإمام الصادق ـ مثلا ـ هو صاحب الجامعة الكبرى التی ضمت أربعة آلاف طالب، كان یحاضر فی جمیع أنواع العلوم من الفلسفة وعلم الطب وغیرها، وقد كان من تلامیذه جابر بن حین مفخرة الشرق العربی، ومؤسس علم الكیمیاء، وینص فی رسائله التی بلغت خمسمائة رسالة أن جمیع ما عنده من العلوم قد استقاه من سیده وإمامه الإمام جعفر الصادق (علیه السلام).
وهكذا بقیة الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) كانوا من أعاظم علماء الدنیا، وقد أراد المأمون إبطال ما تذهب إلیه الشیعة من أن أئمتهم لا یدانیهم أحد فی علمهم، وأنهم أفضل علماء الدنیا، فجلب جمیع العلماء من مختلف أنحاء الأرض واجتمع بهم سرا، ووعدهم بالثراء العریض إذا أفحموا الإمام الرضا (علیه السلام)، وعجز عن أجوبة مسائلهم، فأعدوا له أعقد المسائل، وأكثرها صعوبة من جمیع أنواع العلوم من الطب والفیزیاء والفقه، والكیمیاء والفلسفة وعلم الكواكب وغیرها، وقد سئل عما یزید على عشرین ألف مسألة، فأجاب عنها جواب العالم المتخصص، وقد ذهب معظم العلماء إلى القول بإمامته، وأنه من حجج الله تعالى على عباده، وأنه لیس فی الدنیا أحد یساویه فی علمه، وقد أخذت الأندیة تتحدث عن عظیم فضل الإمام مما اضطر المأمون إلى حجبه عن الناس، وخاف من وقوع الفتنة، وكان ذلك من الأسباب التی أدت إلى اغتیاله للإمام (علیه السلام)، وقام المأمون بنفس هذا الدور ومع الإمام الجواد (علیه السلام) الذی كان عمره الشریف لا یتجاوز التسع سنین وهو لا یسمح لمثل هذا السن أن یسأل عن جمیع أنواع العلوم والمعارف فیجیب عنها جواب العالم الخبیر، وقد سأله العلماء فی نوب متفرقة عما یزید على عشرین ألف مسألة فأجاب عنها بلا تردد‘ وقد ذكر ذلك جمیع من ترجم الإمام(9)، وقد زاد ذلك الشیعة إیمانا بصحة ما یذهبون إلیه من أن الأئمة (علیهم السلام) قد فاقوا جمیع علماء الدنیا فی علومهم ومواهبهم وعبقریاتهم.
وجوب التمسك بالأئمة:وتذهب الشیعة إلى وجوب التمسك بأئمة أهل البیت (علیهم السلام) ولزوم مودتهم متبعة فی ذلك النصوص من القرآن الكریم كقوله تعالى: (قل لا أسالكم علیه أجرا إلا المودة فی القربى) وغیر هذه الآیة، ومن السنة المقدسة المتواترة كحدیث الثقلین وهو قول النبی (صلى الله علیه وآله): (أیها الناس إنی فرطكم وأنتم واردی على الحوض وإنی سائلكم حین تردون علی عن الثقلین فانظروا كیف تخلفونی فیهما. فقالوا: وما الثقلان یا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بید الله وطرف بأیدیكم فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا وعترتی أهل بیتی(10)).
وقد ضمن النبی فی هذا الحدیث الشریف عدم الضلال لكل من تمسك بالثقلین قد جعلهما كشیء واحد، وأنهما معا مصدر هدایة للأمة وسعادة على امتداد التاریخ. وأن البارز من مودتهم أخذ أحكام الدین وشؤون الشریعة المقدسة منهم.
عدد الأئمة:وتحكی معظم كتب الحدیث سلسلة خلفاء النبی (صلى الله علیه وآله) الإثنی عشر الذین أقامهم الرسول (صلى الله علیه وآله) أوصیاء من بعده، وأمناء على تبلیغ رسالته، وإشاعة مثله وآدابه، وذلك فی نصوص نبویة متواترة منها ما رواه جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله علیه وآله یقول: (لا یزال الدین قائما حتى تقوم الساعة، ویكون علیهم إثنا عشر خلیفة كلهم من قریش)(11).
وصرحت بعض النصوص بأسمائهم إماما بعد إمام، أولهم أمیر المؤمنین وآخرهم قائم آل محمد، وهذه أسماؤهم الشریفة:
1 ـ الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام).
2 ـ الإمام الحسن (علیه السلام).
3ـ الإمام الحسین (علیه السلام).
4 ـ الإمام زین العابدین (علیه السلام).
5 ـ الإمام محمد الباقر (علیه السلام).
6 ـ الإمام الصادق (علیه السلام).
7 ـ الإمام موسى بن جعفر (علیه السلام).
8 ـ الإمام الرضا (علیه السلام).
9 ـ الإمام محمد الجواد (علیه السلام).
10 ـ الإمام علی الهادی (علیه السلام).
11 ـ الإمام الحسن العسكری (علیه السلام).
12 ـ الإمام المهدی (علیه السلام).
اختكم ام نصر الله